أشكال وانواع المواد النانوية
عند تصنيع المواد بالمقياس النانوي ، يلعب التركيب الفيزيائي والتركيز الكيميائي للمواد الخام المستخدمة في التصنيع دورًا مهمًا في خصائص المادة النانوية النهائية ، على عكس
ما يحدث عند تصنيع المواد العادية. يختلف حجم الجسيمات المرئي أو غير المرئي
من مئات الميكرومترات إلى السنتيمترات ، ولكن في المواد النانوية ، يبلغ حجم
الجسيمات 1-100 نانومتر.
هناك طريقتان لتصنيع حجم نانوي من المادة، إحداهما من الأعلى للأسفل ، حيث تبدأ هذه الطريقة بحجم محسوس من المادة وتُصغّر شيئاً فشيئاً حتى الوصول إلى المقياس النانوي. ومن التقنيات المستخدمة في ذلك الحفر الضوئي، القطع، والطحن. وقد استخدمت هذه التقنيات للوصول إلى مركبات إلكترونية مجهرية كشرائح الكمبيوتر وغيرها، وأصغر حجم أمكن الوصول إليه في حدود 100 نانومتر ولازال البحث مستمراً في الحصول على أحجام أصغر من ذلك. أما الطريقة الأخرى فهي من الأسفل للأعلى ، حيث تبدأ هذه الطريقة بجزيئات منفردة كأصغر وحدة وتُجمَع في تركيب أكبر، وغالباً ما تكون هذه الطرق كيميائية، وتتميَز بصغر حجم النواتج (نانومتر واحد)، قلة هدر للمادة الأصلية والحصول على قوة ترابط بين الجسيمات النانوية الناتجة.
يمكن فحص ودراسة خصائص المواد النانوية والتأكد من تركيبها باستخدام عدد من الأجهزة والتقنيات العلمية من أهمها: المجهر الإلكتروني الإنفاذي (TEM)، المجهر الإلكتروني الماسح (SEM)، مجهر القوى الذرية (AFM) مع العوازل، وحيود الأشعة السينية (XRD) …. الخ.
يمكن تصنيع المواد النانوية على عدة أشكال وذلك بناءً على الاستخدام المقرر لهذه المواد، ومن أهم الأشكال ما يلي:
- النقاط الكمية Quantum dots
عبارة عن تركيب نانوي شبه موصل ثلاثي الأبعاد يتراوح أبعاده بين 2 إلى 10 نانومتر، وهذا يقابل 10 إلى 50 ذرة في القطر الواحد أو تقريباً 100 إلى 100000 ذرة في حجم النقطة الكمية الواحدة، و تقوم النقطة الكمية بتقييد إلكترونات شريط التوصيل وثقوب شريط التكافؤ أو الأكسيتونات (وهي عبارة عن زوج مرتبط من إلكترونات التوصيل وثقوب التكافؤ).
- الفولورين Fullerene
تركيب نانوي غريب آخر للكربون وهو عبارة عن جزيء مكون من 60 ذرة من ذرات الكربون ويرمز له بالرمز C60 ، وقد أُكتشف عام 1985م. إن جزيء الفولورين كروي المظهر ويشبه تماماً كرة القدم التي تحتوي على 12 شكلاً خماسياً و20 شكلاً سداسياً. ومنذ اكتشاف كيفية تصنيع الفولورين عام 1990م وهو يُحضر بكميات تجارية. كما أمكن الحصول على جزيئات بعدد مختلف من ذرات الكربون مثل C36 و C48 و C70 إلا أن العلماء أبدوا اهتماماً خاصاً بالجزيء C60. لقد سمّي هذا التركيب بالفولورين نسبة للمخترع والمهندس المعماري ر. بكمنستر فولر.
- الكرات النانوية Nanoballs
من أهمها كرات الكربون النانوية والتي تنتمي إلي فئة الفولورينات، من مادة C60، لكنها تختلف عنها قليلاً بالتركيب حيث أنها متعددة القشرة. كما أنها خاوية المركز، على خلاف الجسيمات النانوية، بينما لا يوجد على السطح فجوات كما هي الحال في الأنابيب النانوية متعددة الغلاف.
- الجسيمات النانوية Nanoparticles
على الرغم من أن كلمة (الجسيمات النانوية) حديثة الاستخدام، إلا أن هذه الجسيمات كانت موجودة في المواد المصنعة أو الطبيعية منذ زمن قديم. ويمكن تعريف الجسيمات النانوية على أنها عبارة عن تجمع ذري أو جزيئي ميكروسكوبي يتراوح عددها من بضع ذرات (جزيء) إلي مليون ذرة، مرتبطة ببعضها بشكل كروي تقريبا بنصف قطر أقل من 100 نانومتر. فجسيم نصف قطرة نانومتر واحد سوف يحتوي على 25 ذرة أغلبها على سطح الجسيم، وهذا يختلف عن الجزيء الذي قد يتضمن عدداً من الذرات لأن أبعاد الجسيم النانوي تقل عن أبعاد حرجة لازمة لحدوث ظواهر فيزيائية معينة مثل : متوسط المسار الحر الذي تقطعه الإلكترونات بين تصادمين متتالين مع الذرات المهتزة، وهذا يحدد التوصيلية الكهربية.
للتجمع الذري أعداد سحرية من الذرات لتكوين الجسيمات النانوية، فجسيمات السيلكون النانوية، مثلا، تتكون من أعداد محددة 1 ، 1.67 ، 2.15 و 2.9 نانومتر فقط. عند تعرُض هذه الجسيمات لأشعة فوق بنفسجية فإنها تبعث ضوءً بلون مرئي طوله الموجي يتناسب عكسياً مع مربَع قطر الجسيم، وبالتالي يمكن رؤية ألوان مرئية معينة.
عندما يصل حجم الجسيمات النانوية إلى مقياس النانو في بعد واحد فإنها تسمى البئر الكمي (quantum well)، أما عندما يكون حجمها النانوي في بعدين فتسمى السلك الكمي (quantum wire)، وعندما تكون هذه الجسيمات بحجم النانو في ثلاثة أبعاد فإنها تُعرف بالنقاط الكمية (quantum dots). ولا بد من الإشارة هنا إلى أن التغيير في الأبعاد النانوية في التركيبات الثلاثة السالفة الذكر سوف يؤثر على الخصائص الإلكترونية لها، مما يؤدي إلى حدوث تغيير كبير في الخصائص الضوئية للتركيبات النانوية.
5-الأنابيب النانوية Nanotubes
تصنَع الأنابيب النانوية، أحياناً، من مواد غير عضوية مثل أكاسيد الفلزات (أكسيد الفاناديوم، أكسيد المنجنيز)، نيتريد البورون والموليبدينوم، وهي شبيهة من ناحية تركيبها بأنابيب الكربون النانوية، ولكنها أثقل منها وليست بنفس القوة مثل أنابيب الكربون. وتعد أنابيب الكربون النانوية التي اكتشفت عام 1991م أكثر أهمية نظراً لتركيبها المتماثل وخصائصها المثيرة واستخداماتها الواسعة في التطبيقات الصناعية، والعلمية، وفي الأجهزة الإلكترونية الدقيقة ، والأجهزة الطبية الحيوية. يمكن وصف أنابيب الكربون على أنها عبارة عن شرائح من الجرافيت يتم طيّها حول محور ما لتأخذ الشكل الاسطواني حيث ترتبط ذرات نهايتي الشريحة مع بعضها لتغلق الأنبوب. تكون إحدى نهايتي الأنبوب في الغالب مفتوحة والأخرى مغلقة على شكل نصف كرة، كما قد يكون جدار الأنبوب فردي الذرات وتسمى في هذه الحالة بالأنابيب النانوية وحيدة الجدار (single wall nanotube) SWNT، أو ثنائي أو أكثر وتسمى الأنابيب متعددة الجدار (multi wall nanotube) MWNT، ويتراوح قطر الأنبوب بين أقل من نانومتر واحد إلى 100 نانومتر (أصغر من عرض شعرة الرأس بمقدار 50000 مرة)، أما طوله فقد يصل إلى 100 مايكرومتر ليشكل سلكاً نانوياً.
للأنابيب النانوية عدة أشكال، فقد تكون مستقيمة، لولبية، متعرجة، خيزرانية، أو مخروطية وغير ذلك. كما أن لهذه الأنابيب خصائص غير اعتيادية من حيث القوة والصلابة والتوصيلية الكهربية وغيرها. كما أن للكربون النانوي أشكالاً أخرى مثل الكرات النانوية والألياف النانوية.
يتم انتاج أنابيب الكربون النانوية بعدة تقنيات منها، التفريغ القوسي، الكحت الليزري، الترسيب بواسطة أول اكسيد الكربون ذي الضغط العالي، والترسيب بواسطة البخار الكيميائي.
- الألياف النانوية Nanofibres
لاقت الألياف النانوية اهتماماً كبيراً مؤخراً لتطبيقاتها الصناعية. وقد أُكتشف العديد من أشكالها كالألياف السداسية والحلزونية والألياف الشبيهة بحبة القمح (corn-shaped). إن الجزء الجانبي لليف النانوي اللويحي أو الأنبوبي له شكل سداسي، مثلاً، وليس أسطوانياً. من أشهر الألياف النانوية تلك المصنوعة من ذرات البوليمرات. إن نسبة مساحة السطح إلى الحجم كبيرة في حالة الألياف النانوية، كما للأنابيب النانوية، حيث أن عدد ذرات السطح كبير مقارنا بالعدد الكلي، وهذا يكسب تلك الألياف خواص ميكانيكية مميزة كالصلابة وقوة الشد وغيرها مما يؤهلها بلا منافس لاستخدامها كمرشحات في تنقية السوائل أو الغازات، وفي الطب الحيوي وزراعة الأعضاء كالمفاصل ونقل الأدوية في الجسم وفي التطبيقات العسكرية كتقليل مقاومة الهواء إلى آخره من التطبيقات لاسيما بعد تطوير طرق التحضير.
- الأسلاك النانوية Nanowires
هي أسلاك بقطر قد يقل عن نانومتر واحد وبأطوال مختلفة، أي بنسبة طول إلى عرض تزيد عن 1000 مرة، لذا فهي تُلحق بالمواد ذات البعد الواحد، وكما هو متوقع، فهي تتفوق على الأسلاك التقليدية (ثلاثية الأبعاد)، وذلك بسبب أن الإلكترونات تكون محصورة كمياً باتجاه جانبي واحد مما يجعلها تحتل مستويات طاقة محددة تختلف عن تلك المستويات العريضة الموجودة في المادة الحجمية، وهنا تتضح أهمية الذرات السطحية مقارنة بالداخلية لظهور ما يُعرف بالتأثير الحافي، وبسبب خضوعها للحصر الكمي المبني على ميكانيكا الكم، فسيكون لها توصيلية كهربية تأخذ قيماً محدَدة تساوي تقريباً مضاعفات المقدار 12.9 كيلو أوم 1، وهي لا توجد في الطبيعة ولكنها تُحضَر في المختبر، حيث منها الفلزي (كالنيكل والفضة والبلاتينيوم)، وشبة الموصل (كالسيلكون ونترات الجاليوم وفوسفات الأنديوم) والعازل (كالسيليكات وأكسيد التيتانيوم)، ومنها الأسلاك الجزيئية العضوية (DNA)، وغير العضوية (مثل Li2Mo6Se6، Mo6S9 .. xIx التي ينظر لها كتجمعات بوليمرية) ذات القطر 0.9 من النانومتر وبطول يصل لمئات من المايكرومتر.
- المركبات النانوية Nanocomposites
هي عبارة عن مواد يضاف إليها جسيمات نانوية خلال تصنيع تلك المواد، ونتيجة لذلك فإن المادة النانوية تُبدي تحسناً كبيراً في خصائصها. فعلى سبيل المثال، يؤدي إضافة أنابيب الكربون النانوية إلى تغيير خصائص التوصيلية الكهربية والحرارية للمادة. وقد يؤدي إضافة أنواع أخرى من الجسيمات النانوية إلى تحسين الخصائص الضوئية وخصائص العزل الكهربي وكذلك الخصائص الميكانيكية مثل الصلابة والقوة. يجب أن تكون النسبة المئوية الحجمية للجسيمات النانوية المضافة منخفضة جداً (في حدود 0.5% إلى 5%) وذلك بسبب أن النسبة بين المساحة السطحية إلي الحجم للجسيمات النانوية تكون عالية.